آداب عبد الهادي
كان ينظر إلى الأعراض التوحدية في البداية على أنها شكل مبكر للفصام ويعود الإسهام الحقيقي الذي ميّز التوحد كحالة منفردة إلى الطبيب النفسي الأمريكي ليو كانر عام 1943 والذي يعد أول من حدد الخصائص الرئيسة للاضطراب التوحدي وهو طبيب العلاج النفسي في جامعة هوبكنز الطبية، وقد وصف الحالة وأسماها التوحد المبكر Early Autism وقام اسبرجر بوصف حالة مشابهة وبشكل مستقل ومتزامن مع كونر، وإن استخدام كونر لكلمة Early Infantile يعود لإيمانه الشديد بأن هذه الحالة موجودة منذ الأيام الأولى للولادة، واستعار كلمة Autism من العالم السويسريEugen Bluer الذي استخدم المصطلح سنة 1911 لوصف المرضى المصابين بالشيزوفرينيا، حيث كان يتم عزلهم وإبعادهم عن عائلاتهم في مؤسسات خاصة، وأطلق عليها مصطلح التوحد Autism .
وبدأ اهتمام الدوائر النفسية والطبية ثم التربوية بدراستها وإجراء البحوث عليها على مستوى العالم، أطلق كارنر على هذا الاضطراب اسم (متلازمة كارنر) أو الانطواء على الذات أو الأنانية التلقائية وفي الوقت الحاضر يعرف على إنه (اضطراب الطيف التوحدي)، ومنذ ذلك الوقت استخدمت تسميات كثيرة ومختلفة ومن هذه التسميات على سبيل المثال:
فصام الطفولة المبكرة، توحد الطفولة المبكرة، ذهان الطفولة، النمو غير السوي وفي الوقت الحاضر يعرف على إنه اضطراب الطيف التوحدي.
وقد وصف طبيب الأطفال الأمريكي ليو كانر (leo Kanner) التوحد على إنه حالة يصاب بها الأطفال الذين ينحدرون من أسر متعلمة تنتمي للفئة الاقتصادية الاجتماعية ذات المستوى الجيد وهذه الانطلاقة التي بدأت عام 1943 فتحت المجال أمام الآخرين للبحث في هذه الحالات بحثاً دقيقاً كمحاولات جادة لفهم هذه الأعراض التي يصاب بها بعض الأطفال، ففي الخمسينات والستينات من القرن الماضي كان التركيز على توضيح الأعراض التي تحدد التوحد حيث حددت هذه الاجتهادات العلمية ثلاثة مجالات من السلوك لدى الغالبية العظمى من الأطفال المتوحدين والتي اشتملت على الفشل في تطوير علاقات اجتماعية، وتأخر واضطراب لغوي وسلوكيات استحواذية (التكرار، والنمطية)، وفي السبعينات وبداية الثمانينيات تركز الاهتمام على الممارسات الإكلينيكية والبحوث، وكذلك التعرف على مدى أنواع ومستويات الصعوبة في التوحد كما شهدت هذه المرحلة اهتماماً بدراسة المشكلات الطبية للتوحد، وفي هذه المرحلة ظهر الربط بين التوحد والعيوب في التمثيل الغذائي والمدى الواسع للإصابات خلال مرحلة الولادة وما بعد الولادة وصحة الأم والجنين، كما شهدت هذه المرحلة الاهتمام بالعيوب المعرفية، بالإضافة إلى الاهتمام باستعمال الأدوية العلاجية لبعض أعراض التوحد للتخفيف من حدته على الفرد والمحافظة على استقراره الصحي قدر الإمكان.
وقبل الولوج في الحديث عن أسباب التوحد المرتبطة بالصحة الإنجابية نطرح هنا تعريف كل من التوحد والصحة الإنجابية لنكون على بيّنة من هذين المفهومين الحديثين نسبياً.
التعريف الذي قدمته الجمعية الأمريكية للتوحد:
تعرف التوحد على إنه إعاقة نمائية، تطورية، تظهر دائماً في السنوات الثلاث الأولى من العمر، نتيجة للاضطرابات العصبية Neural Disorders التي تؤثر على وظائف المخ، ويتداخل هذا التوحد مع النمو الطبيعي فيؤثر في الأنشطة العقلية في مناطق التفكير، التفاعل الاجتماعي والتواصل، ومن مظاهر التوحد بين الأطفال والكبار، ضعف قدرات التواصل اللفظي وغير اللفظي Verbal and Nonverbal Communications وفي التفاعل الاجتماعي وأفعال وأنشطة اللعب.
أما الصحة الإنجابية فقد عرفها المؤتمر الدولي للسكان والتنمية عام 1994:
على أنها تعني قدرة الناس على التمتع بحياة جنسية مُرضية ومأمونة وقدرتهم على الإنجاب وحريتهم في تقرير الإنجاب ومعدله وتواتره، ويشمل هذا الشرط الأخير ضمناً على حق الرجل والمرأة في معرفة واستخدام أساليب تنظيم الخصوبة التي يختارانها والتي لا تتعارض مع القانون وعلى الحق في الحصول على خدمات الرعاية الصحية المناسبة التي تمكّن المرأة من أن تختار بأمان فترة الحمل والولادة وتهيئ للزوجين أفضل الفرص لإنجاب وليد متمتع بالصحة.
أسباب الإصابة بالتوحد:
لقد أجريت الكثير من الأبحاث للتعرف على أسباب التوحد، ولكنها لم تقدم وحتى يومنا هذا إلا القليل من النتائج لذلك فالتوحد يعد من الألغاز المحيرة، ما أدى إلى استقطاب الكثير من العلماء، وبناءً على ذلك ظهرت تفسيرات عديدة في محاولة منها إلى فهم التوحد، إذ ليس من المستغرب أن نجد الكم الهائل من التفسيرات إلا أنها لا تتعدى أن تكون فرضيات واحتمالات، ولعل وجود صعوبة في معرفة الأسباب التي تكمن وراء التوحد تعود إلى الآتي:
- عدم الاتفاق بين المختصين على طبيعة الإصابة ومميزات التوحد واضطرابات التطور العام.
- التشخيص يعتمد على الاختصاصيين وتجاربهم.
- طريقة الدراسة البحثية للحالات.
- تعقيد الاضطراب نفسه
وسنتطرق فيما يلي إلى أبرز العوامل والتفسيرات التي حاولت توضيح النواحي التي يمكن أن يعزى إليها ظهور التوحد ومن أبرزها:
الأسباب الوراثية الجينية.
الأسباب البيولوجية.
الأسباب الأيضية.
الأسباب البيوكيمائية...
وإلى الآن لم يتوصل العلماء إلى حقيقة تثبت صحة سبب من تلك الأسباب المذكورة.. أما الأسباب المتعلقة بالصحة الإنجابية فهي كما يلي:
أ. دور التلوث والعوامل البيئية في إنجاب الأم لطفل توحدي
عندما نذكر العوامل البيئية غالباً ما يتبادر إلى الذهن أن تأثيرها يبدأ بعد الولادة وذلك لارتباط هذه التسمية بعوامل معينة؛ وهذا بلا شك انطباع خاطئ فالعوامل البيئية أوسع من هذا المفهوم الضيق كما أن تأثيرها يبدأ من وقت مبكر جداً إذ يبدأ من لحظة إخصاب البويضة بل إن بعض ما يتعرض له الجنين في هذه الفترة قد يكون له أثر في نموه أكبر مما قد يتعرض له بعد خروجه من بطن أمه وهذه العوامل لا تقتصر على الجوانب المادية فقط بل يشمل المادية وغير المادية كما أن العوامل البيئية كثيرة ومتنوعة لدرجة أنه يصعب حصرها بل إن هناك من العوامل البيئية ما لم يعرف بعد أو لم يعرف مدى تأثيره.
كما أن العوامل البيئية (قد تكون ذات أثر كيميائي أو بكتيريولوجي أو ميكانيكي وقد تكون عوامل جسمية أو اجتماعية).
ويتوقف مدى تأثير هذه العوامل في خصائص الفرد على شدتها واستمراريتها وعمر الفرد وقت حدوثها، والعوامل البيئية لا تحدث تغيراً في جوهر الخلايا ولا تنقل الصفة بالوراثة إلى الأجيال التالية.
ولتسهيل متابعة ومعرفة هذه العوامل فإنه سيتم تصنيفها على النحو التالي:
- العوامل البيئية المساهمة في حدوث حالة التوحد قبل ولادة الفرد
• سن الأم: خصوصاً كبر سن الأم فإذا كان قد تعدى سن 35 عاماً فإن احتمال ظهور حالة التوحد سيكون كبيراً ولكن لا يعني ذلك احتمالية ظهور هذه الحالة بالفعل فربما يعود ذلك إلى وجود ضعف في الرحم والمبيض.
• إصابة الأم الحامل بالأمراض: يكون تأثيره في إحداث اضطراب في نمو الطفل كبيراً وذلك لعدم مناعته فهو غير قادر على تكوين أجسام مضادة ضدها، ويعتمد تأثير المرض على نمو الجنين على عدد من العوامل منها:
o نوع المرض: ومن أهم تلك الأمراض التي تصاب بها الأم الحامل ويمكن أن تؤدي إلى توحد الجنين؛ هو مرض الحصبة الألمانية حيث تشير إحدى الدراسات عندما انتشر وباء الحصبة الألمانية عام 1964 إلى أنه أصيب بالتوحد نحو 8% من الأطفال الذين أصيبت أمهاتهم بالحصبة الألمانية أثناء فترة الحمل وكذلك أمراض الدم والالتهابات والإيدز، كما تشير بعض الدراسات إلى أن هذه الفيروسات والأمراض لا يمكن اعتبارها سبباً رئيسياً للتوحد بل يمكن إرجاع أقل من 4% من حالات التوحد إلى إصابة مرضية معدية كما أن بعض هذه الأمراض لا تؤدي بالضرورة إلى التوحد فهي قد تسبب بعض الأمراض المؤدية له مثل تلف الدماغ أو صغر حجم الجمجمة.
o عمر الجنين: حيث تكون الإصابة أخطر إذا حدثت العدوى الفيروسية خلال الشهر الأول من الحمل.
o تناول الأم الحامل للأدوية والعقاقير: يعتمد تأثيرها على عدد من العوامل منها نوع العقار وكذلك درجة نمو الجنين, وأهم الأمثلة على بعض الأدوية التي قد تسبب حالة التوحد هو العقار المضاد للحصبة الألمانية كما أشار (شيز) إلى أن نسبة حدوث حالة التوحد أعلى لدى الأمهات اللواتي تم حقنهن بمطعوم الحصبة الألمانية أثناء الحمل مقارنة مع الأمهات اللواتي لم يتم حقنهن بهذا المطعوم.
o تعرض الأم الحامل للأشعة والإشعاع: وتدل الدراسات أن تعرض حوض وبطن الأم الحامل للأشعة السينية من الممكن أن يؤدي إلى حالة التوحد ويعتمد ذلك على كمية الأشعة ومدة الحمل.
o تلف المخ المبكر للجنين والذي يحدث أثناء الحمل.
o حدوث مستويات غير عادية من المادة الكيماوية لدماغ الجنين: وهذا ما أشارت إليه إحدى الدراسات الأمريكية بجانب تقرير حكومي إلى أن بداية هذه الحالة المرضية يكون خلال فترة الحمل وأن هذه المستويات غير العادية للمادة الكيماوية يمكن أن تؤدي إلى عرقلة التواصل بين الخلايا الدماغية النامية وتكون أعلى بثلاث أضعاف لدى الأطفال الذين شخصوا مستقبلاً بالتوحد مقارنة بالعاديين.
o سوء تغذية الأم الحامل أو تعاطيها للكحول والمخدرات أو التدخين: ولا يقصد بذلك نقص الأطعمة إنما يتضمن أيضاً عدم تناول كميات كافية من العناصر الغذائية كما أن سوء التغذية لا يقصد به النقص المؤقت كأن يكون لعدد من الأيام فقط وإنما النقص المستمر لفترة طويلة مثلما يحدث في المجاعات، وهذا ما أشار إليه (جينو) بوجود حالات الإدمان على الكحول وسوء التغذية لدى أسر الأطفال المصابين بالتوحد.
o نزف الأم بعد ثلاثة الأشهر الأولى من الحمل: وهذا ما أكده كل من العالمين (مايكن وباكلان) في أن أمهات الأطفال التوحديين قد تعرضن لهذا النزيف أكثر من أمهات الأطفال العاديين.
o تلوث البيئة وقد يكون هذا التلوث في الماء أو التربة أو الهواء: وغيرها بمواد كيماوية تنتقل إلى الأم عن طريق الأكل أو الشرب أو التنفس وتنتقل إلى الجنين عن طريق المشيمة وتؤثر فيه، حيث بحث (فيلستي) العلاقة بين الأمهات اللاتي تعرضن في عملهن لمواد كيماوية سامة ووجد أن هناك احتمالاً أكبر لإنجابهن أطفالاً توحديين.
- العوامل البيئية المساهمة في إحداث حالة التوحد أثناء الولادة
• الولادة العسرة: التي توجد فيها موانع أو أسباب تحول دون مرور الجنين بشكل طبيعي مثل ضيق الحوض أو ارتخاء الرحم أو وجود ورم في الأعضاء التناسلية أو كبر حجم الجنين وقد تستخدم بعض الأدوات الخطرة (كالكلابة، والملاقط، وآلة الشفط) نظراً لكون الجنين في وضع غير طبيعي ما يؤكد ذلك هو حالات التوائم المتطابقة كأن يكون أحدهما مصاباً بالتوحد دون الآخر، اتضح أن عملية الولادة كانت مختلفة فالطفل المصاب بالتوحد غالباً ما يكون هو الذي تعرض لتعسر ومشكلات أثناء الولادة.
كما أشار (لابشير) إلى وجود بعض التعقيدات بالحمل والولادة في حالات الأطفال المتوحدين).
كما أظهرت دراسة شملت 698 طفلاً دنمركياً يعانون من اضطراب في النمو توصل الباحثون إلى أن عدداً كبيراً منهم كانوا في وضع مقلوب عند الولادة.
• الولادة المبكرة (الخداج): وتعني انتهاء الحمل من تلقاء نفسه بعد أن يكون الجنين قد بلغ من النمو ما يتيح له البقاء حياً ولكنه ينزل قبل اكتمال نضجه وهو ما أشار إليه (كالفن) إلى أن نسبة حدوث التوحد تزيد في حالات الولادة المبكرة (الخداج).
• خروج العقي مبكراً: (تسرب المادة السوداء من بطن المولود إلى السائل المحيط بالجنين وقت الولادة).
• نقص الأكسجين أثناء عملية الولادة (أسفكسيا): يؤدي ذلك إلى تلف الخلايا الدماغية وقد تعددت الأسباب المؤدية إليه ومنها تسمم الجنين أو انفصال المشيمة أو طول عملية الولادة أو التفاف الحبل السري.
- عوامل بيئية مساهمة في حدوث التوحد بعد عملية الولادة
هناك عوامل بيئية يتعرض لها الفرد بعد الولادة قد تكون أكثر تعدداً من العوامل التي تكون أثناء الحمل ويستمر تأثير هذه العوامل أثناء الحمل وبعده كالتغذية مثلاً.
الزيادة الكبيرة والمفاجئة في حجم الرأس بين الشهرين الأول والثاني وبين السادس والرابع عشر من العمر: وقد أشار الخبراء إلى إنه من بين كل عشرة آلاف طفل يتعرض 600 طفل لزيادة معدل نمو الرأس خلال الطفولة ويصبحون طبيعيين بينما يصاب عشرة منهم بالتوحد كما قام علماء بتحليل المعلومات المسجلة عن محيط الرأس ووزن الجسم لحوالي 48 طفلاً مصابين بالتوحد حيث أظهرت الصور المغناطيسية المأخوذة لأدمغتهم تغيرات شديدة.
• استخدام بعض الأدوية والعقاقير كعقار MMR في مرحلة الطفولة المبكرة (إن هذا اللقاح هو لقاح مركب يستخدم للحماية من الإصابة بالحصبة الألمانية والنكاف وقد تم تلقيح مئات الملايين من الأطفال به في جميع أنحاء العالم على مدى 25 عاماً الماضية، وفي عام 1998 قام (أندرو، ويكفيلد) في بريطانيا بإجراء دراسة صغيرة تم اختيار 12 طفلاً ممن حُولوا للعيادات الباطنية نتيجة شكواهم من اضطرابات في الأمعاء وقد ورد في التقرير أن بداية ظهور التوحد لدى أولئك الأطفال كان بعد فترة تمتد من (1-14) يوماً من إعطائهم لقاح MMR الذي يؤدي إلى حدوث اضطراب غير محدد في الأمعاء والذي بدوره يؤدي إلى إصابة الطفل بالتوحد).
ولكن تعرضت هذه النظرية لانتقادات شديدة جعلت من بعض أعضاء الفريق يتراجع عن هذه النتيجة ورفضها.
• الاختلال الوظيفي لمراكز التحكم في المخ: حيث يعمل نصفي قشرة المخ بطريقة غير طبيعية حيث يكون هناك بعض الفعاليات تعمل في النصف المعاكس مما يؤدي إلى فوضى وتشويش في عمل المراكز الحسية.
كذلك وجود خلل عضوي أو عصبي أو بيولوجي وظيفي دماغي يحدث بعد الولادة مثل:
o خلل في المخيخ والقشرة الدماغية.
o تضخم في سمك القشرة الدماغية.
o نقص في التدفق الدموي الدماغي في الشق الدماغي الوسطي.
o خلل في حركة خلايا المخ.
• اضطرابات الكيمياء الحيوية: إنها تلعب دوراً كبيراً في حدوث التوحد وإن كان العلماء غير متأكدين من كيفية حدوثه مع أهمية ودور الأسباب الأخرى؛ فالكيمياء الحيوية تلعب دوراً مهما في عمل الجسم البشري فالمخ والأعصاب تتكون من مجموعة من الخلايا المتخصصة التي تستطيع أن تنقل الإشارات العصبية من الأعضاء إلى الدماغ وبالعكس من خلال ما يسمى بالموصلات العصبية neurotransmitters وهي مواد كيماوية بتركيزات مختلفة من وقت لآخر حسب عملها في الحالة الطبيعية ولتوضيح الصورة نذكر بعضاً منها:
o بعض المواد كالسيروتونين ودوبامين ونورابنفيرين وجدت بنسبة جيدة في المناطق التي تتحكم في العواطف والانفعالات.
o وجد ارتفاع السيروتونين في بعض أطفال التوحد بنسبة تصل إلى 100% ولكن العلاقة بينها غير واضحة.
o الدوبامين يزيد في المناطق التي تتحكم في الحركة الجسمية وعند استخدام علاج لتخفيض نسبتها قد تؤدي إلى تحسن الحركة لدى الأطفال الذين لديهم حركات متكررة.
o النورابنفيرين تتركز في المناطق التي تتحكم في التنفس والذاكرة والانتباه وتلعب دوراً مجهولاً في حصول التوحد.
ب. الأمراض المنقولة جنسياً
- عدوى الأمراض التناسلية: متضمنة عدوى فيروس نقص المناعة والتي تنتقل فيها العدوى من شخص لآخر عن طريق الجماع.
- عدوى المهبل: وهذه الأنواع من العدوى لا تنتقل عن طريق الجماع مثل الفطريات والبكتريا المهبلية.
- الأمراض التناسلية: يشير اصطلاح الأمراض التناسلية إلى العدوى التي تنتقل من شخص لآخر عن طريق الجماع وتعد الأمراض التناسلية جزءاً من المجموعة الأشمل والتي تعرف بعدوى الجهاز الإنجابي وبعض أنواع هذه العدوى قد لا تحدث نتيجة للجماع، بل نتيجة لزيادة النشاط البكتيري وغيرها من الكائنات الحية التي تعيش بصورة طبيعية في المهبل، وبعض أنواع هذه العدوى قد تتسبب في متاعب بسيطة في حين أن البعض الآخر قد يؤدى إلي عواقب خطيرة، كما أن الفيروسات يمكنها الدخول إلى الجسم عبر الجلد المصاب بسهولة أكثر من دخولها عبر الجلد السليم.
- أعراض وتشخيص عدوى الجهاز التناسلي بما فيها الأمراض التناسلية:
إن أية تغيرات غير طبيعية في المهبل أو في الأعضاء التناسلية تمثل بالنسبة للسيدات دلالة على احتمال الإصابة بأحد أنواع التهابات الجهاز التناسلي.
إن من الطبيعي بالنسبة للسيدات وجود بعض الإفرازات المهبلية في معظم الفترات وعادة ما تتغير كمية هذه الإفرازات التي تكون صافية أو بيضاء اللون في الحالة الطبيعية خلال الأوقات المختلفة للدورة الشهرية، وقد يدل حدوث تغير في لون الإفرازات أو أن تصبح ذات رائحة كريهة أو أن تكون مصحوبة بحكة أو حرقان أو ألم على وجود عدوى بالجهاز التناسلي.
من الطبيعي بالنسبة للرجل إذا كانت هناك أي إفرازات في أوقات غير وقت الجماع أو إذا عاني الرجل من الألم والحرقان أثناء التبول أو القذف فيجب فحصه بواسطة الطبيب وإذا تم تشخيص الإصابة بأحد الأمراض التناسلية فلا بد من علاج زوجته أيضاً.
- الأمراض التناسلية الشائعة: هنالك أنواع عديدة من العدوى التي تنتقل خلال الجماع، ومن بين أكثر هذه الأنواع شيوعاً، الإيدز، الزهري، السيلان، الالتهابات المهبل البكتيري، وغيرها من الأمراض الأخرى المنقولة جنسياً والتي تشكل سبباً هاماً لولادة طفل توحدي..
ت. الأسباب العائدة للتنشئة الأسرية
- أشارت أبحاث سابقة إلى أن عوامل كالتاريخ النفسي للأبوين والحالة الاجتماعية والاقتصادية يمكن أن تمثل أو تشمل عوامل خطر لإصابة الأطفال بالتوحد.. في هذا المجال يشير (كانر) إلى أن آباء الأطفال التوحديين يميلون إلى عدم إظهار العاطفة وإنهم رافضون وسلبيون تجاه أطفالهم، كما أشار (بيتلهايم) إلى أن عدداً كبيراً من المصابين بحالة التوحد جاؤوا من أسر اتسمت بالتنشئة الأسرية غير السليمة حيث كانت العلاقة بين الوالدين والابن وخصوصاً الأم تتسم بالبرود واللامبالاة خصوصاً في الأشهر والسنوات الأولى من عمر الطفل واتسمت تلك العلاقة باعتماد مبدأ القوة ورفض العاطفة مما دعا الأطفال لاستخدام سلوك التوحد كوسيلة دفاع ورد فعل لدى عدم قبوله عاطفياً من قبل الوالدين لكن مازالت هذه الأسباب مجرد نظريات لم يتم إثباتها وتأكيدها علمياً.
- الأم الثلاجة: تعد من الفرضيات الأولى التي وضعت لتفسير التوحد، وهي فرضية قديمة جداً وتؤكد هذه الفرضية على دور الوالدين في التسبب في هذه الاضطرابات وإعاقة تطور نمو الطفل، حيث لاحظ كانر أن أحد الوالدين أو كلاهما يكون ذي مستوى ذكاء عالٍ وأنهما يعملان في المجالات العلمية والفنية الدقيقة، وأن لديهما ضعف وبرود في العلاقات الأبوية، وأنهما غير متفرغين لتربية طفلهم في سن مبكرة لانشغالهما بمسؤولياتهما، وقد أطلق على هذه الفرضية بنظرية النخبة.
إلا إنه لا يوجد ما يؤيد تلك النظرية، فعند القيام بنقل هؤلاء الأطفال التوحديين للعيش مع عائلات بديلة كعلاج لم يكن هناك تحسن لحالتهم، كما أنه لوحظ وجود أطفال أصحاء لدى نفس الوالدين، كما وُجد أن بعض حالات التوحد تبدأ من الولادة حيث لا يكون لتعامل الوالدين مع الطفل أي دور، ولذلك تم التوصل إلى أن التوحد يصيب جميع العائلات، في جميع الأوطان والأعراق والجنسيات، والذكور والإناث.
- الحالة الانفعالية للأم الحامل: حيث أشار (روتر)1976 إلى أن الأم الباردة انفعالياً والتي لا تحمل أي مشاعر أو انفعالات نحو جنينها يمكن أن ينتج عنه ولادة طفل متوحد.
- فجاجة الوالدين: يعتبر عدم اكتمال نضج الشخصية، أو الفجاجة عند الوالدين، أحدهما في بعض الأحيان، أو كليهما في معظم الأحيان، في مقدمة العوامل المهيئة للمرض عند الأبناء، وقد تحدث عن هذا العامل بعض الباحثين البارزين الذين اجتهدوا في البحث عن دور العوامل الأسرية في الاضطرابات النفسية والمؤثر، وقد خلص(بوين Bowin) إلى أن علاقة المريض بأمه عامل حاسم على الصحة الإنجابية في نشأة المرض ونموه، خاصة مرض الفصام.
ويرى (بوين) أن نسبة الفجاجة عند الآباء تتركز عند أحد الأبناء، وبالتـالي فإن هـذا الابن يكون مهيأً لأن يكون غير سوي أكثر من الإخوة الآخرين، قد تستمر عملية الفجاجة من جيـل إلى جيل، وينتج عن هذا التـراكم نمو الأعراض المرضية، كما أن التباعد العاطفي بــين الوالــدين، أو ما أسماه (بـوين) الطلاق العاطفي، يؤدي بجانب ذلك، إلى أن تميل الأم لتكون الطرف المسيطر، بينما يتخذ الوالد موقف الخنوع. كل ذلك يؤثر سلباً على الصحة الإنجابية والنمو النفسي للأبناء، مما ينتج عنه طفل عاجز، وحين يصبح راشداً يكون سيء التوافق، ثم يتحول إلى مريض عاجز.
خدمات الصحة الإنجابية التي تحول دون وقوع المرض
يرى كل من القريوتي والصمادي والسرطاوي(1998) الوقاية على أنها (مجموعة من الإجراءات والخدمات المقصودة والمنظمة التي تهدف إلى الحيلولة دون أو الإقلال من حدوث الخلل أو القصور المؤدي إلى العجز في الوظائف الفسيولوجية أو السيكولوجية أو الحد من الآثار السلبية المترتبة على حالات العجز بهدف إتاحة الفرصة للفرد كي يحقق أقصى درجة ممكنة من التفاعل المستمر مع البيئة بأقل درجة ممكنة من المحددات وتوفير الفرصة له لأن يحقق حياة أقرب ما تكون إلى حياة العاديين فقد تكون تلك الإجراءات ذات طابع طبي أو اجتماعي أو تربوي أو تأهيلي).
من تعريف الوقاية أعلاه نستنتج أن الوقاية تكون بشكلين مختلفين إما الحيلولة دون حدوث الخلل المؤدي للعجز أو الإقلال من آثار العجز قدر المستطاع، وفي مجال التوحد هناك مجموعة من الإجراءات الوقائية التي تحول دون وقوعه وأخرى تقلل من آثاره.
أما أهم الإجراءات الوقائية المتعلقة بالصحة الإنجابية والتي تحول دون وقوع المرض هي:
1. في مرحلة ما قبل الزواج يجب فحص وتوجيه الراغبين في الزواج ثم يليها تثقيف وتحذير الزوجين إذا كانت النتائج سلبية وكذلك تنصح السيدات بعدم الإنجاب قبل سن العشرين وبعد سن الأربعين والتباعد بين الولادات بمعدل سنتين على الأقل.
2. الاهتمام ببرامج تنظيم الأسرة وخاصة التي تعاني من أمراض وراثية تؤدي إلى التوحد.
3. وقاية الأطفال أثناء الولادة أو بعدها من إصابات الجمجمة.
4. تخطيط برامج للتوعية بمشكلة التوحد وأسبابها وأعراضها للشباب والآباء والأمهات باستخدام وسائل الإعلام وكذلك إدخال دراسة هذه المشكلة في برامج إعداد المدرسين والاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين والأطباء والتأكيد على برامج الوقاية وأهمية الكشف المبكر.
5. توعية الأمهات بالإجراءات الوقائية ضد الإصابة بالتسمم نتيجة تلوث الهواء والمياه.
6. الاهتمام بتشجيع البحوث في كافة الميادين ذات العلاقة والاتصال بالهيئات العلمية الدولية التي تعمل في تلك الميادين والاستفادة من نتائج بحوثها أولاً بأول.
وإن شاءت قدرة الله تعالى في إصابة الطفل بالتوحد فالوقاية هنا تكون بالإقلال من آثاره ومساعده الطفل على التكيف والاستقلالية قدر المستطاع عن طريق ما يلي:
أ. دور الأهل في تدريب الطفل التوحدي على إتقان طرائق التعليم المناسبة والتواصل بالطريقة التي تلائم قدراته وتوفير جو هادئ له والحرص على عدم إحداث تغير في الرتابة.
ب. دور المربين في الحرص على تعليم الطفل التوحدي تعليماً فردياً مختصاً ومكثفاً للوصول إلى تكوين مهارات أكاديمية لديه ومساعدته على التواصل ومتابعته سلوكياً وتنظيم وقته واتباع جدول محدد لمساعدته على الاستقرار النفسي.
ت. دور المجتمع من خلال سعيه لأن يكون أفراده أكثر اطلاعاً على خصائص التوحد والحرص على عدم عزله وتقديم المساعدة له ولعائلته.
المصدر : الباحثون العدد 70 نيسان 2013