تم إطلاق شائعة في العديد من الصحف العادية والإلكترونية أن هناك سلاحاً زلزالياً قد تم استخدامه لإحداث زلزال هايتي وهو Haarp. وأن "غاز الكيمتريل" وراء ما حدث وليس الزلزال المدمر. وقد ظهرت تقارير صحفية تحذر أيضاً من أن ما شهدته هايتي هو تجربة على حروب المستقبل والتي سيتم خلالها التغاضي عن المواجهات العسكرية المباشرة والاستعانة بدلاً من ذلك بـ"الكيمتريل" الأكثر "براءة وفتكاً في الوقت ذاته.
ويستخدم غاز الكيمتريل لاستحداث الظواهر الطبيعية كالبرق والرعد والعواصف والأعاصير والزلازل بشكل اصطناعي بل ويمكنه أيضاً نشر الجفاف والتصحر وإيقاف هطول الأمطار وإحداث الأضرار البشعة في أي مكان من الأرض. وهو عبارة عن مركبات كيماوية يمكن نشرها على ارتفاعات جوية محددة لاستحداث ظواهر جوية مستهدفة وتختلف هذه الكيماويات طبقاً للأهداف، فمثلاً عندما يكون الهدف هو "الاستمطار" أي جلب الأمطار يتم استخدام خليط من أيوديد الفضة على بيركلورات البوتاسيم ليتم رشها مباشرة فوق السحب فيثقل وزنها ولا يستطيع الهواء حملها فتسقط أمطاراً، كما تستخدم هذه التقنية مع تغير المركبات الكيماوية فتؤدي إلي الجفاف والمجاعات والأمراض والأعاصير والزلازل المدمرة. فما أن تطلق إحدى الطائرات غاز "الكيمتريل" في الهواء تنخفض درجات الحرارة في الجو وقد تصل إلى 7 c وذلك بسبب حجب أشعة الشمس عن الأرض بواسطة مكونات هذه السحابة الاصطناعية، كما تنخفض الرطوبة الجوية إلى 30% بسبب امتصاصها مع أكسيد الألمونيوم، متحولاً إلى هيدروكسيد الألمونيوم هذا بجانب عمل الغبار الدقيق لأكسيد الألمونيوم كمرآه تعكس أشعة الشمس.
ويؤدي ما سبق إلى انخفاض شديد مفاجئ في درجات الحرارة وانكماش في حجم كتل هوائية تغطي مساحات شاسعة تقدر بملايين الكيلومترات مما يؤدي لتكوين منخفضات جوية مفاجئة في طبقة الغلاف الجوي "الاستراتوسفير" فتندفع إليها الرياح من أقرب منطقة ذات ضغط جوي مرتفع ثم من المنطقة التي تليها، ويتسبب هذا الوضع في تغير المسارات المعتادة للرياح في هذه الأوقات من السنة فتهب في اتجاهات غير معتاد الهبوب فيها ويعقب هذا الإطلاق استمرار الحرارة المنخفضة والجفاف لعدة أيام، وخلال تلك الفترة تفقد السماء لونها الأزرق المعروف وتصبح أثناء النهار سماء ذات لون رمادي خفيف يميل إلى اللون الأبيض وفي المساء تبدو لون السحب الاصطناعية بلون يميل إلي الرمادي الداكن، وهكذا تحدث تغيرات غير مألوفة في الطقس في تلك المناطق مما ينتج عنها صواعق وبرق ورعد وجفاف دون سقوط أي أمطار كما يصاحب ذلك انخفاض واضح في مدى الرؤية بسبب العوالق الكيماوية للمكونات الهابطة إلى الأرض.
ورغم التداعيات الكارثية السابقة، إلا أن هذا لا يعني أن الكيمتريل هو الشر بحد ذاته، بل على العكس فهو يحمل الخير للبشرية في حال استُخدم في المجالات السلمية النفعية حيث له دور فعال في التقليل بشكل كبير من ظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد بغرق الكرة الأرضية وفناء الكون في المستقبل البعيد، فهو يستخدم لحجب أشعة الشمس عن الأرض واستخدام جزئيات دقيقة من أكسيد الألمونيوم كمرآة تعكس أشعة الشمس للفضاء الخارجي فتنخفض درجة حرارة الهواء على الأرض فجأة وبشدة. هذا بالإضافة إلى أنه مفيد جداً في ظاهرة "الاستمطار" في المناطق القاحلة.
أما إذا انتقلنا إلى أزمنة ما قبل الكميتريل وتقصينا الحوادث التي حصلت في الماضي مراراً وتكراراً قبل أن يتقدم الإنسان ويدخل ميدان التجارب العلمية الدقيقة, نجد قائمة الكوارث طويلة وأليمة، حيث أقدم هزات أمكن سبرها تعود إلى الألف الثامن قبل الميلاد, كما يعلمنا علماء الآثار عن عدد المدن المدفونة في الأرض بفعل الزلازل كما في موقع أوغاريت على الساحل السوري, وكانت تعزى الأسباب حينها إلى غضب الآلهة من تمرد العباد..
وفي الزمن الحاضر حيث تنتقل المعلومة بأسرع من الصوت وتنتشر معها شائعة التحكم بالمناخ وظاهرة الاحتباس الحراري يرتاب الإنسان العادي وتنتابه الشكوك عن مدى قدرة الإنسان المتقدم تقنياً في تحديد مصائر البلدان ويسأل نفسه هل هو ووطنه مدرج على لائحة الحواسيب المختصة بكوارث الكرة الأرضية؟ هل هو رهينة زلزال أم صاعقة أو إعصار مفتعل؟ وهل هذه الظواهر حتمية وصنيعة الطبيعة منذ نشوء الكون قبل عشرين مليار سنة؟
فإذا عدنا إلى آراء علماء الجيولوجية وعلماء الزلازل للبحث عن الأسباب الكامنة وراء الحوادث المتلاحقة التي تجري في عصرنا نراهم يشخصون كل الكوارث الحاصلة على أنها طبيعية تماماً بل ومتوقعة.
ففي فرنسا 2010 يشرح السيد باتريك كالوا Patrick Galois المختص بالمناخ في الأرصاد الجوية الفرنسية لماذا كانت العاصفة سينتيا Xyntia التي ضربت غرب فرنسا, في نهاية شهر شباط 2010 أعنف من أي عاصفة شتوية عادية سابقة قائلاً: حصل ارتفاع في مستوى البحر بأكثر من متر نتيجة ترافق الرياح الشديدة مع مُعاملات عنيفة جداً للمد البحري, الأمر الذي سبب الفيضانات القاتلة1. بالنسبة إلى هذا الاختصاصي, تشكلت العاصفة سينتيا "عندما تدفقت دفعات الرياح الباردة والموجودة على ارتفاع شديد العلو ودخلت بتماس مع كتلة هواء ساخنة موجودة في الطبقات السفلية" وذلك في وسط المحيط الأطلسي على خط عرض 30 شمالاً. نتج عن التباين الحراري الشديد بين الكتلتين الهوائيتين تولد إعصار أو منخفض اتجه نحو الشمال الشرقي. هذه العواصف الشتوية هي شائعة الحدوث نسبياً لكنها كانت تحدث في الشمال عند الجزر البريطانية وأيسلندا ولم تكن بهذه الشدة. إن عنف هذه العاصفة "سينتيا" سببه أنها تشكلت باتجاه الجنوب أكثر من المعتاد وحركت معها كمية كبيرة من الرياح الساخنة. ووفق هذا العالم المناخي, البرد المضاد للإعصار الذي اجتاح فرنسا في كانون الثاني وشباط كان أفضل وقاية لها من ضربات هذه الرياح. ويستنتج السيد كالوا مصرحاً لا يمكننا بحال من الأحوال أن نربط الموضوع بالتغير المناخي والاحتباس الحراري, فعاصفة هذا الأسبوع تدخل في تقلبات الطقس الاعتيادية."
كما يرى العلماء أن ما يحصل في تشيلي هو شأن طبيعي إذ تقع تشيلي على طول حزام رئيسي من الزلازل، لذلك فهي معرضة للهزات العنيفة ولأمواج البحر العاتية بشكل متكرر. وكانت تشيلي قد تعرضت عام 1960 لأضخم زلزال بتاريخ البشرية ومقداره 9.5 درجات مما أدى إلى مقتل 1655 شخصاً في مدينة فالديفيا الساحلية وأرسل موجات تسونامي عبر المحيط الهادي وصلت إلى سواحل هاواي واليابان والفلبين. وفي 27/2/2010 ضرب زلزال عنيف بلغت قوته 8.8 درجات على مقياس ريختر سواحل تشيلي المطلة على المحيط الهادي. وأعقبه تحذير من وقوع موجات مد زلزالي (تسونامي) في تلك البلاد وفي الإكوادور وبيرو المجاورتين.
ظاهرة تسونامي
وفي حالة الزلازل التي تقع مراكزها السطحية في قاع البحار أو المحيطات فقد تؤدي إلى حدوث أمواج مائية ضخمة جداً تسمى "التسونامي" وهي كلمة يابانية معناها أمواج الموانئ أو الخلجان، إذ تؤدي الاهتزازات المصاحبة لحدوث الزلازل إلى تكون هذه الأمواج، وقد تصل سرعتها إلى 800 كم/ساعة، وذلك نتيجة لانزلاق صفائح القشرة الأرضية عمودياً بعضها على بعض، ومما يجدر ذكره هنا أن الزلازل التي تنشأ عن انزلاقات أفقية في الصفائح لا تؤدي إلى تكون أمواج التسونامي. وتعتبر الأمواج التي أثارتها زلزال العام 1946 في قعر المحيط الهادئ من أشد الأمواج وأكثرها دماراً في القرن الماضي، إذ بلغ ارتفاع الأمواج التي اجتاحت شواطئ جزيرة هاواي، عند منطقة هيلو Hilo، حوالي 17 متراً، وأدى اجتياحها للشواطئ إلى تدميرها وإلحاق أضرار كبيرة بألف مبنى آخر.
ولا تقل أمواج التسونامي التي نجمت عن زلزال سومطرة/ إندونيسيا 26/12/2004، في شدة تأثيرها عن تلك التي حدثت عام 1946، وهذا ما أوضحته النتائج الأولية.
وتكون قوة التسونامي مدمرة وتهدد جزئياً نمو البشرية القاطنة على سواحل البحر, كما تهدد المنشآت النفطية والغازية, وتبدد نفايات الغواصات والنفايات السامة والنووية والذخائر والمؤن الغائصة. ويجري البحث في الوقت الراهن للتوقع والاحتياط كي تتم الحماية منها بواسطة شبكة إنذار عالمية توضع في المكان المناسب في إندونيسيا وجنوب شرق آسيا.
وإذا توغلنا في الأسباب المؤدية إلى الزلازل يذهب بنا الأمر إلى دراسة بنية الطبقات الأرضية لنعرف منها لماذا هي تثور وتهتز بصخورها وصلابتها الظاهرية, ولنتأكد ما إذا كانت الأحجار العميقة قابلة الاستجابة لأوامر الحواسيب أم للتأثر بغازات خارجية:
تتألف القشرة الأرضية الخارجية من صفائح عملاقة (تكتونية) بأحجام متنوعة، ويوجد سبع صفائح كبيرة جداً تتألف كل واحدة منها من أجزاء قارية وأخرى محيطية، وهناك أيضاً ما يزيد عن اثنتي عشرة صفيحة صغيرة, تتراوح سماكة كل صفيحة من 80 –100 كلم تقريباً. يفصل بين هذه الصفائح صدوع وانقصافات جيولوجية, فعلى سطح الكرة الأرضية تكون المناطق الأكثر عرضة للزلازل هي تلك التي تكون أكثر قرباً من هذه الصدوع.
تتحرك هذه الصفائح التكتونية تحت القارات والمحيطات بسرعة نسبية ثابتة تدنو من 0.13 متر/عام، ومع أن هذه السرعة بطيئة بالمقياس البشري إلا أنها تعد سريعة لحدٍ كبيرٍ جيولوجياً، فإن السرعة 0.05 متر/عام تشكل 50 كلم خلال مليون سنة فقط، علماً أن بعض حركات الصفائح تستمر لمدة 100 مليون عام. فالصفائح إذاً ليست مسمَّرة في موضعها بل هي في حالة حركة مستمرة وتتباعد عن بعضها بعضاً, وتتلامس بلطف ثم تحتك ببعضها وتتدافع. والصخور التي تشكل القشرة الأرضية هي قابلة للتمدد لكن في حدود معينة.
فالزلزال هو نتيجة تحرير مفاجئ للطاقة من باطن الأرض إلى السطح,حيث تتكسر فجأة الصخور المعرضة للإجهاد لسنوات مديدة وينتشر الصدع في الطبقة التحتية من القشرة السطحية بانزلاق طبقتين من الصخور إحداهما على الأخرى على امتداد الصدع من بضعة سنتيمترات إلى عشرات الأمتار, وتولد الصخور المنسحقة بانزلاقها على بعضها بعضاً اهتزازات. كي يتم حدوث الهزة الأرضية ينبغي إذاً حصول تحرر مفاجئ للطاقة المتراكمة من الضغوط المطبقة على الصفائح, إذ عندما يتم تمددها أكثر مما ينبغي يؤدي بها ذلك إلى الصدع الذي يؤدي إلى الهزات الأرضية, وتحصل الحركة بشكل جانبي وتكون مدمرة جداً.
فتهتز الأرض بسبب الحرارة الداخلية, لأن النشاط الإشعاعي الطبيعي للصخور العميقة وبخاصة صخور المعطف, يحرر باستمرار الحرارة داخل الأرض. والمعطف هو الجزء من الأرض الممتد من القشرة حتى النواة وهو مشكل من الصخور السيليكاتية. فمن أجل أن يحافظ الكوكب على توازنه الحراري عليه أن يصرف هذه الطاقة. وبما أن الصخور قليلة الناقلية للحرارة فإن الوسيلة الأكثر فاعلية هي إخراجها إلى السطح عبر تيارات عظيمة من الحمل الحراري التي تسبح في المعطف الأرضي كله. إن هذه الحركات البطيئة جداً من رتبة 10 سم/السنة هي التي تحرك الصفائح التكتونية على سطح الأرض. أما في الأعماق فإن الصخور تبقى صلبة إنما تتشوه ببطء شديد دون أن تنكسر فيقال إنها تميع؛ أما على السطح فهي تتشوه وتنتهي بالانكسار: فالزلازل ليست سوى المظهر الخارجي للنشاط الداخلي للكوكب.
يمكن أن تقاس المعدلات الحالية لتباعد الصفائح بمقاييس جيوديسية أرضية أو فضائية. وتحسب القياسات الأرضية بأساليب المسح الميداني التقليدي لكن القياسات الأفضل لحركة الصفائح تتحقق بواسطة الأقمار الصناعية بطريق الاستشعار عن بعد. وقد تطور علم الجيوديسيا الفضائية تطوراً سريعاً وأفضل نظام مستخدم هو نظام تحديد المواقع العالمي Global Positioning System الذي يقوم على 21 قمراً صناعياً لتغطية الأرض. تحلق هذه الأقمار على ارتفاع 20 ألف كيلومتراً عن سطح الأرض وترسل إشارات راديوية إلى المواقع الأرضية بشكل منتظم. ومن بيانات المواقع الأرضية يتمكن علماء الأرض من تحديد معدلات تحرك الصفائح التكتونية.
لعلم العارض وعلم الزلازل مفاهيم ومصطلحات فيسمى مكان انشقاق الصخور في العمق "مركز الزلزال" أو "البؤرة الارتجافية" والمركز السطحي للزلزال Epicenter هو النقطة من سطح الأرض الواقعة عمودياً فوق بؤرة الزلزال Hypocenter.
وعمق بؤرة الزلزال هو العمق الذي يمتد من سطح الأرض حتى بؤرة الزلزال، ويوصف الزلزال عادة بالموقع الجغرافي لمركزه السطحي وعمق بؤرته ودرجته. إن الزلازل ذات عمق بؤرة أقل من 60 كلم تصنف كزلازل قليلة العمق وهذا النوع من الزلازل سببه تحطم الصخر الهش في القشرة الأرضية أو لأن الطاقة المشوِّهة تولد قوى أكبر من قوى الاحتكاك المثبت للجوانب المتقابلة من التصدعات في القشرة الأرضية مما يؤدي إلى انزلاق الصفائح فيما بينها. وتعتبر الزلازل التي يتراوح عمق بؤرتها ما بين 60 كلم إلى 300 كلم زلازل متوسطة وسبب تشكلها غير واضح بشكلٍ كامل، أما الزلازل العميقة فربما يصل عمق بؤرتها حتى 700كم.
وهناك ثلاثة أصناف للزلازل: التكتونية والبركانية والاصطناعية.
الهزات التكتونية: وهي الأكثر حدوثاً والأكثر تخريباً. يحصل الجزء الكبير من هذه الهزات في حدود "الصفائح" حيث تتراكم الطاقة بالتشوه المرن للصخور يؤدي إلى انزلاق في صدع faille أو في عدة صدوع (أي الانكسارات – أو الانقصاف), هذه الطاقة وهذا الانزلاق ينطلقان فجأة أثناء الهزة. معظم الزلازل تماشي حدود الصفائح، إلا أن هذا لا يمنع من وجود زلازل متفرقة لا تتوافق مع هذه القاعدة، وهذا يعني أنه لا توجد بقعة على الأرض يستحيل تعرضها إلى الزلازل.
مثال: زلزال هايتي- الأسباب: موقع الصدع المتراجع في انريكييو Enriquillo الذي يأمر الحركة الأفقية بـmm7. تتواجد جزيرة ايسبانيولا أي هايتي وجمهورية الدومينيكان في منطقة ارتجافية نشطة بين صفيحتين تيكتونييتين: الصفيحة الأمريكية الشمالية وصفيحة الكاريبي في الجنوب. ففي هذه المنطقة تكون الصدوع بتراجع مياسر (أي إلى اليسار) وصدوع انضغاطية (صدوع مقلوبة) أو تراكب أرضي (اقتحام أرض لأرض أخرى). حصل الزلزال بانشقاق صدع موجه غرب - شرق, على طول 50 كم إلى مائة كم. إنه صدع انريكييو الذي هو تراجع مياسر يجتاز مدينة بور- او- برنس Port-au-Prince
الهزات ذات المنشأ البركاني: وتنتج عن تراكم الصُهارة في الغرفة العجينية للبركان. عندها يسجل المرجاف sismographe كمية كبيرة من الهزات الدقيقة جداً tremor ناجمة عن انشقاقات في الصخور المضغوطة أو عن استخراج الغاز من الصُهارة. ويُثبت لنا الارتفاع التدريجي لمراكز الزلزال hypocenters (المرتبط بارتفاع الصُهارة) أن البركان هو في طور إعادة نشاطه وأن ثورانه وشيك الوقوع.
الهزات ذات المنشأ الاصطناعي أو ما تسمى الهزات المحِّثة وهي تنجم عن بعض النشاطات البشرية مثل السدود والضخ العميق, والاستخراج من المناجم, والتفجيرات تحت الأرضية أو النووية.
تشكل الهزات نصف مدمرات الأرض, وتهدر 75 % من الطاقة الارتجافية للكرة الأرضية في المناطق التي تكون فيها القشرة المحيطية واقعة تحت صفيحة من الغلاف الأرضي الملاصق, وهو المكان الوحيد الذي يوجد فيه هزات عميقة (من 300 إلى 700 كم). وتكون مراكز الهزات سطحية (0 إلى 10 كم) وتساوي 5 % من الطاقة الارتجافية الكاملة في مستوى خط القمة عبر – المحيطات. كذلك الحال في مستوى الصدوع الكبيرة حيث تتحرك الأرض أفقياً تحدث هزات ذات مراكز لها عمق وسطي (من 0 إلى 20 كم) وتقابل 15% من الطاقة. ولا يحصل إطلاق الطاقة المتراكمة عموماً بهزة واحدة, إذ يمكن أن يحدث عدة تعديلات قبل الوصول إلى شكل مستقر. وبذلك نشاهد ارتدادات بعد هزة رئيسية بسعة متناقصة وبزمن يتراوح بين بضعة دقائق وبين أكثر من سنة. وتكون هذه الهزات الثانوية أكثر تدميراً من الهزة الرئيسية إذ إنها يمكن أن تهدم مباني لم يكن قد أصابها سوى القليل من الخراب, وتكون قيد النجدة والإصلاح. وقد تكون الهزة الارتدادية أقوى من الهزة الأساسية مهما كان مقدارها.. فعلى سبيل المثال إن كانت هزة بـ9,0 قد يتبعها هزة أخرى بـ9,3 بعد عدة أشهر حتى لو أن مثل هذه الحوادث تبقى نادرة.
ويحصل في كل يوم هزات كثيرة لكن لا يشعر بها الإنسان. فقد تم تسجيل وإحصاء حوالي 100000 هزة على الكرة الأرضية في العام الواحد وذلك بفضل "المرجاف sismographe" الذي يسمح بكشف واستبيان الأمواج الارتجافية على بعد آلاف الكيلومترات من البؤرة الارتجافية. وتعتبر الهزات القوية من بين الكوارث الطبيعية الأكثر تدميراً وتخريباً, وبالرغم من أنها نادراً ما تستمرّ لأكثر من ثوانٍ معدودة، إلا أن الطاقة الناجمة عنها يمكن أن تعادل 200 مليون طن من مادة الـ TNT (التي تعتبر من المتفجرات القوية) وأكثر 10 آلاف مرة من طاقة أول قنبلة نووية، وتتسبَّب الزلازل في إزهاق حياة 14 ألف شخص تقريباً كل عام. ويرى العلماء أن الأبنية هي قاتلة البشر وليست الزلازل نفسها، وإن التوجه نحو أبنية لا تتأثر بهزات الأرض حدّ من الخسائر بالأرواح.
مقياس قوة الزلازال Magnitude يمكن قياس وتحديد قوة الهزة الأرضية بمقدار قوتها magnitude وهي مفهوم تم إدخاله على هذه الدراسة عالم الزلازل Charles Francis Richter شارل فرانسيس ريختر. تحسب قوة الزلزال انطلاقاً من مختلف نماذج الأمواج الارتجافية مع الأخذ بعين الاعتبار الثوابت مثل مسافة مركز سطح الأرض الواقع فوق بؤرة الزلزال مباشرة, وعمق مركز الزلزال, ومدى تردد الإشارة, ونموذج المرجاف المستخدم, إلخ... أن مقدار قوة الزلزال ليست سلم مقياس بل هي دالة لوغاريتمية مستمرة. وبسبب هذا الطابع اللوغاريتمي, فعندما تتغير سعة الحركة أو الطاقة التي يحررها الزلزال من "عامل 10", فإن القوة تتغير مقدار "وحدة". وبذلك تكون الهزة التي قوتها 7 هي أقوى بعشر مرات من هزة قوتها 6, وأقوى بمائة مرة من هزة قوتها 5. فقوة الزلزال على مقياس ريختر أصبح تعبيراً مستخدماً من قبل العامة وهي تقاس انطلاقاً من سعة أو مدة الإشارة المسجلة بالمرجاف. يمكن قياس قيم عديدة (قوة محلية, المدة, الأمواج السطحية, أمواج الأحجام). لكن هذه المقاييس لا تؤخذ بعين الاعتبار في حال الهزات الأرضية الشديدة. فعلماء الزلازل يفصلون مقدار الزمن المرتبط مباشرة بالطاقة المحررة أثناء الهزة. هناك قوانين للسلم تربط هذه القوة الزمنية بالثوابت الهندسية للهزة (السطح المنشق ومقدار انزلاق الصدع).
ينبغي ألاّ يحصل أي التباس بين قوة الزلزال magnitude وبين حدة الارتجاف الكبيرة intensite macrosismique التي ترتكز إلى ملاحظة التأثيرات وعواقب الهزة في مكان محدد: اهتزاز النوافذ, عدد الأشخاص الذين يحسون بالهزات, اتساع الدمار. تحتوي سلالم الحدة على درجات تسجل بالأرقام الرومانية, من I إلى XII بالنسبة إلى السلالم المعروفة (ميركاللي, MSK أو EMS) وبين مختلف السلالم يمكننا أن نورد:
- سلم روسي- فوريل يعرف بـ(RF). Rossi-Forel
- سلم ميدفيديف – سبونهوير – كارنيك ويعرف بـ(MSK).Medvedev-Sponheuer-Karnik
- سلم ميركاللي ويعرف بـ(MM بصيغته المعدلة).Mercalli
- سلم شيندو Shindo (??)) من الوكالة اليابانية للأحوال الجوية.
- سلم الارتجافي الكبير الأوروبي (EMS98). Echelle macrosismique.europeenne
العلاقات بين مقدار القوة وبين الحِّدة هي علاقات معقدة. تتعلق الحدة بمكان ملاحظة التأثيرات وتتناقص عموماً عندما نبتعد عن مركز سطح الأرض الواقع فوق بؤرة الزلزال مباشرة epicenter وذلك بالتناقص الحاصل في الوسط الجيولوجي الذي تجتازه الأمواج الارتجافية, لكن بعض التأثيرات المحتملة في الموقع (ارتداد, اتساع محلي على سبيل المثال) قد تشوش وتخل بهذا القانون الوسطي للتناقص.
نماذج الأمواج الارتجافية المختلفة
في لحظة انطلاق الضغوط العنيفة على القشرة الأرضية (الهزة), يتولد نوعان من الأمواج, أمواج ذات حجم تنتشر داخل الأرض وأمواج سطحية تنتشر على طول السطوح المتداخلة مع بعضها بعضاً.
ففي الأمواج ذات الحجم نميز:
- الأمواج P أو ما تسمى أمواج الانضغاط. يجري تحرك الأرض بالتمدد والانضغاط بأمواج متتالية, توازياً مع اتجاه انتشار الموجة. أمواج الانضغاط هي الأسرع (6 كم/بالثانية قرب السطح. وهي أمواج يتم تسجيلها في البدء على آلة تسجيل الأمواج الارتجافية sismogramme.
- الأمواج S أو أمواج الانقصاف. تحصل الاهتزازات عمودية على اتجاه انتشار الموجة كما على وتر القيثارة. وهي أبطأ من الأمواج الانضغاطية, وتظهر لاحقاً على آلة تسجيل الأمواج.
طرق تقصي الزلازل: الطريقة الصينية القديمة, دليل المرجاف Zhang Heng
تعتمد الطريقة الصينية القديمة على وعاء برونزي يحتوي ثمانية فتحات في كل محيطه. وتوضع كرية (كلة) في كل فتحة جاهزة للسقوط. عندما تحصل هزة فالوعاء البرونزي يرتجف ويقع منه كريتين الأولى باتجاه مركز الزلزال والأخرى بالاتجاه المعاكس. فالإمبراطور الصيني لم يستطع معرفة أي الاتجاه الصحيح الواجب اتخاذه, فكان يرسل مجموعات في الاتجاهين لتنظيم المساعدات والإغاثات وللحفاظ على النظام بعد الكارثة.
الطرق الحديثة: إن تعيين المركز السطحي بالطرق الحديثة يحصل بواسطة عدة محطات ارتجافية (ثلاثة على الأقل), وبحساب مثلث الأبعاد. اللاقطات الحديثة تتيح تسجيل الأحداث الحساسة جداً مثل انفجار نووي على سبيل المثال.
طرق التشخيص للاستدلال والتوقع
- هناك ثلاث نماذج: الطريقة طويلة الأمد لسنوات عديدة, والطريقة متوسطة الزمن (عدة أشهر) والطريقة قصيرة الزمن (أقل من بضعة أيام).
- تستند التوقعات طويلة الأمد إلى تحليل إحصائي للصدوع المفهرسة. وهي تسمح بتحديد نظم من أجل بناء المنازل. وبصورة عامة, كلما كان هناك زمن أطول بين هزتين تكون الهزة الثانية قريبة وأكثر قوة.
- أهم التوقعات هي متوسطة الأمد وهي هامة للسكان. وتجري الأبحاث في الوقت الراهن لتثبيت صحة بعض الأدوات مثل الاعتراف بأشكال (التمدد). وتستند هذه التوقعات إلى مشاهدات دقيقة جداً على الأراضي المعرضة للهزات. وقد تكون كلفة وسائل التقصي عالية جداً والنتائج غير مضمونة, من جراء تغاير وتباين الإشارات المنذرة للهزة, وحتى عدم وجودها في الهزات ذات الاتساع الكبير مثل تانغ- شان Tang-Shan أو ميشواكان Michoacan والتي تم توقعها بمدى متوسط وليس بمدى قصير.
- وإضافة إلى ذلك, تحتاج الحكومات إلى معلومات موثقة كي تخلي السكان من المواقع المشتبه بها. تدرس بعض الدول بشكل خاص مدى وثوقية الطريقة "فان Van" التي تعمل بتسجيل تغيرات التيارات الكهربائية – الأرضية. هذه الطريقة, رغم إن هناك جدلاً كبيراً حول مصداقيتها في الأوساط العلمية, يبدو أنها تقصت خمسة هزات كبيرة وقبل بضعة أيام من حدوثها. تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية أدوات ذات حساسية كبيرة حول مواقع حساسة إحصائياً مثل (باكفيلد في كاليفورنيا) مثل الهزازات الارتجافية المستخدمة في التنقيب عن النفط, ومقياس التمدد أو التقلص ذا السلك الفولاذي (أنفر invar), ومقياس الليزر الأرضي, وشبكة تعيين ارتفاع الأرض ذات الدقة المتناهية, ومقياس المغناطيسية (مغنيطومتر), وتحليل الآبار. وتدرس اليابان حركات القشرة الأرضية بالـ"آلة قياس بواسطة التداخل الضوئي" ((VLBI, وبطرق تسمى بعلم مساحة الأرض (جيوديزية) المكانية. وتستند الصين إلى الدراسات متعددة المناهج مثل علم مساحة الأرض, والتوقعات الجيوفيزيائية أو التجارب المخبرية.
ويبقى السؤال هل يمكن أن تتعرض المنطقة العربية إلى زلازل يرافقها أمواج تسونامي وكيف يمكن تجنب الأضرار التي تحدثها هذه الأمواج؟ إن احتمال حصول أمواج تسونامي نتيجة لحصول زلازل مراكزها السطحية تقع في قعر البحر الأبيض المتوسط أو البحر الأحمر يعتبر وارداً ومتوقعاً. ويستبعد أن يكون تأثير هذه الأمواج بنفس شدة زلزال سومطرة، وذلك لأن الدرجة القصوى للزلازل المتوقعة لا يمكن أن تصل إلى درجة زلزال سومطرة.أما مدى تأثير هذه الأمواج فسيعتمد إضافة إلى قوة الزلزال الذي سيولدها على بعد مراكز هذه الزلازل عن الشاطئ.
وفي نهاية المطاف وبعد أن أتاحت قوة المعرفة للإنسان الانتقال عبر العصور من زراعة القمح إلى زراعة القلب وغيره من الأعضاء, فمدت في عمر الشيخ والعليل وأحيت العظام وهي رميم, ونقلته من كائن في مهب الريح إلى جبار يجتاح المريخ, يقرأ من أقماره الدائرة بواطن الأديم ويوزع الثروات بالحاسوب الدقيق, نجده يقول إنه لم يتوصل إلى المكان العميق ليمنع زلزالاً مميتاً!؟... فوفق العديد من علماء المناخ والجيولوجيا, الزلازل ظاهرة كونية بالغة التعقيد لا يمكن منعها ولا يمكن التنبؤ بلحظة حدوثها، ولكن يمكن التخفيف من مخاطرها من خلال اتخاذ الإجراءات المناسبة على جميع المستويات ابتداءً من المواطن العادي ومروراً بالمختصين ووصولاً إلى صناع القرار.
المصدر : الباحثون 35 - أيار 2010